Okaz

12 الثقافة أكد أن أسئلة الأديبمخيفة وأنه يقرأ النصوكأنه يصغي لمريضفي العيادة منصور الجابري: حاوره: عليالرباعي @Al_ARobai دْعـاً بين أدبـاء ْ ب ـ � لم يكن الدكتور منصور الجابري أطبّّاء؛ فالسياقالعُمرييؤكدُ أنهعاشقٌ معرفي، صادق الكتاب منذ يفاعة الوعي، ووظّّف الكلمة في محاضر لها هي تها، ولعل عنايته بالشاعر الــراحــل حمد الـحـجّـي لفتت إلـيـه انـتـ ـاه الإعلام والقُراء؛ وكان حاديه الوفاء لتجربة شعريّة مائزة، إضافةً إلى تط ي شيء من التخصص العلمي علىأديبكابد وعانى، علىأمل أن يتفادى آخرون ما وقع فيه من معاناة لم يكن له يد فيها، وهنا قـراءة الط يب النفساني للأدب والأدب ـاء التي لن تخلو من مفارقات؛ ولعل من أبرز ما يعنيني تحليله لشخصيتيمن خلال أسئلتي؛ فإلى نصالحوار: الجابريمحتفياً بإصداره المُُشتركفيأروقة الناديالأدبيفيالرياض. منصور الجابري المتنبيمُصاب بمتلازمة نفسية.. والأدب يكشف العلة ولا يسببها • متى بدأت علاقتك بالقراءة العامة؟ •• علاقتي بالقراء ة العامة بـدأت في مرحلة مبكرة نـوعاً مـا، وكـان لمكتبة المدرسة الأثـر الكبير في توفر الكتب لطفل صغير يعيش في قرية نائية عن حواضر العلم والمكتبات العامة. وأذكر أن مدير المدرسة لما رأى كثرة استعارتي للكتب اختبرني في ما استعرت، فوجدني ملمّاً به، فعينني أميناً للمكتبة وأنا في السادس الابتدائي. فقضيت أياماً جميلة مع المكتبة، لا سيما عند اقتراب الإجازة الصيفية، حيث أقوم باستعارة ما يكفي من الكتب لتمضية الوقت الطويل في القرية حيث الحياة الرتيبة. وبعد أن قطعت شوطاً في القراء ة شعرت بشيء مـن التميز على أقـرانـي، لاسيما فـي مجالس كبار الـسـن، حيث لا يُسمح لنا بالمشاركة في الحديث، ولا يُسمح لنا بمغادرتها في آن واحد، أما أنا فكنت أقرأ عليهم من السيرة النبوية، فإذا ملّوا منها قرأت لهم شيئاً من الأشعار الشعبية في كتاب «من شيم العرب» لفهد المارك رحمه الله. ومن الطريف أن هذا التميز أصبح قيداً ثقيلاً بعد ذلك؛ فلم أعد أستطيع اللعب مع أترابي بحكم الوقار المصطنع الذي أضفته عليّ مجالسة الشيوخ، وأحياناً لا يحلو لهم السماع إلا عند استغراقي في لعب الكرة، حتى اعتاد رفاقي على وضعي في «التشكيلة» الاحتياطية. ولـم تـدم علاقتي بمكتبة المدرسة طــويلاً؛ فقد انتقل مدير المدرسة وجـاء آخـر لا يهمه سـوى الحفاظ على الكتب وإزالة الغبار عنها، فعزلني عن هذه المهمة وولّى مدرساً من جنسية عربية، فراجع السجلات السابقة وحاسبني حساباً عسيراً على ما لم أعده من الكتب، وأذكر أنني اضطررت إلى نسخ أحد الكتب بيدي لما ألحّ عليّ بإرجاعه. • من هو السبب في شغفك القرائي؟ •• لا أدري بدقة، ولكنني كنت مصاباً بنوع من الفضول المعرفي منذ صغري، وحالما أدركت أن العلم أوسع من الكتب المدرسية اتجهت نحو القراء ة بدون موجّه حقيقي. فكنت أقرأ كل ما تقع عليه عيني. ولا أزال أذكر احتفائي بالموسوعة العربية التي طُبعت على نفقة الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله، ووزعت على المدارس؛ فكانت بالنسبة لي فتحاً علمياً عظيماً. وكان لبعض المعلمين دور لا بأس به في تزويدي بالكتب وتوجيهي نحو بعض القراء ات الجادة. فلما فرغت من الثانوية بامتياز آثرت اختيار كلية الطب؛ لأنها تشبع فضولاً عندي لا أستطيع فهمه من خلال القراء ة وحدها. • ألم يقل لديك الطموح الطبي بسبب الثقافة والأدب؟ أم أنه لحق بك تعب نفسي؟ •• على العكس تماماً؛ فقد ساعدتني عادة القراء ة التي صنعتها في المراحل المبكرة على الدأب في القراء ة الطبية التي تتطلب وقتاً وتركيزاً وجهداً عظيماً، لاسيما في المراحل الأولى في الكلية والدراسات العليا. وحتى بعد الانتهاء من الـدراسـات العليا والتعيين في كلية الطب كنت أقـوم بموازنة واعية بين القراء ة الأدبية والـقـراء ة الطبية، لاسيما أن تخصصي الدقيق في أمــراض الـدم يحتاج قــراء ات معمقة ومستمرة ومُحدّثة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فأغلب اختياراتي الأدبية نابعة من صميم التخصص، ولذا أقوم بعدد من الدراسات البينية، التي تقرأ الأدب وتستند على الطب. • كيف ترى أثر الوعي على الصحة النفسية؟ •• الوعي بحد ذاته نعمة عظيمة، تجعل الإنسان يخوض أقصى درجات التجربة الإنسانية، ويدرك أبعاد ذاتـه وحدودها وإمكاناتها، وهو نوع من الذكاء التأملي الـذي يميز عباقرة الفلسفة، وقـادة الإلهام عبر التاريخ. ولكنه ربما يفضي إلى فقدان مهارات التواصل الفعالة مع المجتمع بسبب اتساع الهوّة بينه وبين عامة الأفــراد، وربما يمتد هذا إلى المحيط الأسـري أيـضاً، ليجد الواعي نفسه رهيناً لمحْبَس العزلة. ومن هنا يتسلل الخلل النفسي الذي قد يتمادى إلى اضطرابات شخصية أو حتى مرض نفسي. ولذا ينبغي أن توفر المؤسسات الثقافية التي تعنى بالمبدعين نوعاً من الإرشاد النفسي الاستباقي لهذه الفئة المميزة في المجتمع. • ما سبب مقولة الأقدمين: الذي يُكثر من القراءة يتجنن؟ •• لأن القراء ة هي أهم وسائل اكتساب المعرفة التراكمية التي تزيد الفجوة بين المثقف ومن عداه من عامة المجتمع، الذين يكتسبون المعرفة من الخبرة الحياتية والسماع والمخالطة، وهي وسائل محدودة زماناً ومكاناً مقارنة بالقراء ة. وكلما ازداد المثقف عمقاً اكتشف بواطن الأمـور التي تؤثر على قيمه الداخلية، وبالتالي على مواقفه ومشاعره، ليصبح مختلفاً عن الناس. وهنا تأتي المفارقة: فإن كان ذكياً في اكتساب مهارات التواصل استطاع قيادة الوسط الثقافي وإلهامه، وإن افتقد تلك المهارات رماه المجتمع بالجنون لعدم القدرة على فهمه واستيعاب أسباب مواقفه وتصرفاته. المعرفة النظرية التي لا تنعكس على السلوك ولا تتحول إلى مهارة.. حياة تغدو عبئاً على صاحبها الابتدائية عينني أميناً للمكتبة وأنا في السنة السادسة مدير الج عة السبت ه 1447 ج ادىالأولى 24-23 السنة الثامنة والستون 21328 العدد م 2025 نوف بر 15-14

RkJQdWJsaXNoZXIy MTExODU1NA==