14 الثقافة الصورة الإيقاعية فيديوان «مشاؤون بأنفاسالغزلان» د.فهد توفيق الهندال زلان) للشاعر محمد الحرز، رحلة شعرية عميقة في عوالم � غ � اؤون بأنفاس ال � ش � وان (م �� يعدّ دي زجٌ فريد بين الصورة الشعرية � ذات والبحث عن المعنى. يتجلّى في هذا الديوان م � الوجود وال الغنية والعناصر الفلسفية التي تدعو للتأمل، حيث يبحر الشاعر بالقارئ في تفاصيل حسية ومجردة تمثل أبعاداً مختلفة للحياة الإنسانية. من خلال لغة شفافة وكثيفة، وصور متعددة الأبعاد، ينجح الحرز في نقل أحاسيسه العميقة تجاه قضايا الوجود والزمن والفقد والذاكرة، محولاً القصيدة إلى مساحة تأملية مفتوحة على التأويل. الحضور � راع ب �� ص �� ل ال � ث � ة؛ م � ي � ان � س � ة الإن � رب � ج � ت � ر ال � وه � سّ ج � م � ات ت �� وع �� وض �� وان م �� دي �� اول ال � ن � ت � ي والغياب، والبحث عن معنى للحياة وسط عبثية الوجود، وتداخلات الطبيعة والإنسان. كما ي، والحسي � ال � ي � خ � ي وال � ع � واق � ال � ي تجمع ب � ت � وري ال � ص � ت � زج ال �� ن الم � يستخدم الشاعر أنماطاً م والمجرد، والإنساني والطبيعي، مما يمنح القصائد عمقاً وروحانية تدعو القارئ للدخول في حوار فكري وشعوري مع النص. وان شعري تقليدي، بل هو مساحة للبحث عن الذات �� زلان) ليس مجرد دي � غ � اؤون بأنفاس ال � ش � (م والتأمل في ما وراء الظاهر، وتذكير بمكانة الشعر كجسر يربط الإنسان بذاته وبالعالم المحيط به. تتسم الصورة الشعرية في الديوان بالعمق والتنوع، إذ يلجأ الشاعر إلى الصور المركبة والمعبّرة؛ التي تعكس أفكاراً فلسفية ومعاني وجودية. الصور هنا ليست مجرد تعابير جمالية، بل هي أدوات لاستكشاف الذات والعالم، وتستخدم لتقديم رؤى تتجاوز الوصف السطحي لتصل إلى تعابير حسية ورمزية عميقة. أمثلة على الصور الشعرية في الديوان: الصورة الكونية: في قوله: «كما لو أني أربي أشجاراً في نومي؛ كي أصحو على سقوط ثمارها»، يستخدم الشاعر صورة الأشجار التي تنمو في النوم وتسقط ثمارها كناية عن الأفكار أو المشاعر؛ التي تتشكل ورة تحمل دلالات على الانغماس في � ص � ذه ال � ى السطح عند اليقظة. ه � ي وتظهر إل � وع � في ال التجربة الشعرية والانتظار الدائم لحصادها. التعبير عن الفقد: ادرة أن تحدث شرخاً كبيراً في، � ورة مؤثرة عن الفقد في قوله: «الذكرى… ق � يرسم الشاعر ص كل لحظة، في جدار روح محبيه وأهله»، حيث تصبح الذكرى مثل مرآة صقيلة تعكس الحنين اء. التصوير هنا يوظف العلاقة بين � ي � اراً عميقة في نفوس الأح �� م، وتستطيع أن تترك آث �� والأل الذاكرة والجروح، فيجعل الذكرى قوة تؤثر وتغير على نحوٍ دائم. وهو ما نجده في قصيدة (شاعر لا يموت إلا من دهشته إلى الشاعر علي الدميني). الصور المركبة للأشياء البسيطة: ات… يعني احترامه، � وب � ع � ص � ذه ال �� ام ه �� ن الشعر أم � اع ع � ط � ق � ر: «الان � اع � ش � ول ال � ق � ر ي �� ي مشهد آخ � ف د هو أن يعلن أنك مصاب بالزهايمر». هنا يدمج الشاعر � واحترامه لا يعني سوى شيء واح ا يعكس استيعاب الشعر كجوهر للوجود � ة، م � ب � رك � ورة م �� ي ص � رة ف �� ذاك �� دان ال �� ق �� الشعر وف � ب والاستمرار، وأن البعد عنه يعني فقدان جزء أساسي من الهوية. الصور الحسية في وصف الذكريات العائلية: اك»، هذه � ن � ف سطرين ه � ي � ذف سطراً هنا وأض �� كلماتها أح � دس ب �� ي كتبك أن � رخ ف �� ول: «أص � ق � ي ادة تشكيل ذكرياته وماضيه من خلال �� و يحاول إع � ورة تحمل إحساساً حيّاً للشاعر وه � ص � ال التلاعب بالكلمات، وكأنه يعيد صياغة علاقته مع الزمن والأشخاص من خلال النصوص. الصور السريالية: في نص آخر يكتب: «الحياة قرب سلالم مكسورة لن تحجب عن الأعمى فضيلة الصعود»، حيث ودي من الحياة، هذه � وج � يمزج بين المشاهد السريالية والتعبيرات الرمزية ليبرز الجانب ال الصورة تعبّر عن الصراع بين اليأس والأمل، وتُظهر الصعود كقيمة تتجاوز الإعاقة المادية. ذا الديوان �� ي ه �� ة ف � ري � ع � ش � ور ال �� ص �� اوز ال � ج � ت � ت ي تعمل �� ه �� ى، ف �� ن �� ع �� ال الم ��� ص ��� ة لإي �� ل �� ي �� ا وس �� ه �� ون �� ك كأدوات لتحفيز القارئ على التفكير والتأمل، وتضعه في مواجهة مباشرة مع مشاعر الحزن، الفقد، الحب، والبحث عن الذات. من خلال الجمع بين الصور الحسية والتجريدية، يخلق الشاعر أجواء متشابكة تعكس فلسفته الخاصة عن الوجود والذاكرة والعبثية. زلان)، باستخدام �� غ �� اؤون بأنفاس ال �� ش �� وان (م �� ي دي � اع، حظيت القصائد ف �� ق �� ى مستوى الإي � ل � وع مجموعة من الأساليب الفنية التي تعطي النصوصطابعاً موسيقياً داخلياً دون الاعتماد على الأوزان التقليدية. إليك بعض الأمثلة من الديوان توضح هذه العناصر: الإيقاع الداخلي: نجد استخداماً مكثفاً للإيقاع الداخلي الناتج عن تكرار العبارات، مثل قوله: أن شيئاً لم � أن شيئاً لم يكن. ثم يغادرون الحياة وك � أن شيئاً لم يكن. يكتبون وك � «يمضون وك يكن». م يكن) يمنح الجملة نغمة إيقاعية تُعزّز الشعور باللاجدوى والعبثية، وهذا � تكرار كلمة (ل التكرار يشكّل موسيقى داخلية تساعد على تأكيد المعنى. التنقل بين الجمل القصيرة والطويلة: في نص آخر يقول: ى لقاء � ك إل � رق عليك الباب لاح سنارته وسحب كلمة أو كلمتين من قصيدتك ثم ودع � «كلما ط قريب». هنا نجد جملاً قصيرة تتبعها جمل أطول، مما يخلق إيقاعاً متذبذباً يشبه التنفس المتسارع والبطيء، مما يعطي القارئ إحساساً بالاستمرار والتوقف، كأن النص يترك مساحات للتأمل. التكرار الدلالي: يستخدم الشاعر التكرار الدلالي لتعميق المعنى، مثل في النص التالي: «الكتابة تدمير للعالم… لا أريد سوى تهشيم جمجمته بفأس الكلمات». التكرار هنا لكلمة (تدمير) و(تهشيم) يساهم في إيقاع عنيف يعكس شعور الكاتب برغبة قوية في التمرد والهدم، مما يعزز من قوة النص واندفاعه. اللغة التصويرية الحسية: يلجأ الحرز إلى الصور الحسية التي تشدّ القارئ وتشركه في التجربة، كما يظهر في قوله «يمضي الوقت مثل مرض معدّ… والمياه انسحبت من الأنابيب كي تتيح لأيامك المتوارية أن تتنفس». اع القصيدة عبر � ق � زز إي � ع � أن الكلمات تتحرك وتتنفس، مما ي �� اً ب � اس � س � ور إح � ص � ذه ال �� تخلق ه المشاهد المتحركة في ذهن القارئ، ويمنح النص نوعاً من الحياة والحركة. التأمل والفراغات: يترك الشاعر فجوات للتأمل، كما يظهر في أسلوبه عند الحديث عن معنى الحياة والوقت: «كلمة إثر كلمة تنزل السماء عاريةً بين يديّ، والمصاب بخنجر الزمن وجههُ مغطى بدم اللغة». هنا، المساحات بين العبارات تعطي فرصة للتوقف والتفكير، مما يجعل القارئ يتأمل الصور ويستشعر ثقل الزمن، مضيفاً بُعداً إيقاعياً نابعاً من صمت النص. ليعتمد إيقاع القصائد في هذا الديوان على خلق تدفق سلس بين الصور والتراكيب اللغوية، ل، مما يمنح النصوص بعداً موسيقياً مميزاً ومختلفاً، � أم � ت � رار وال � ك � ت � ع عناصر ال � مترافقاً م ويعكس تجربة الشاعر مع الوجود والزمن بشكل يعمق التواصل مع القارئ. وان، تعزز من عمق الصور الشعرية وتضفي على � دي � زج التصوري في ال �� واع من الم �� وهناك أن واع المزج ��� ح أن �ّ وض � ي ت � ت � وان ال �� دي �� ن ال � ك بعض الأمثلة م � ي � اً. إل �� زي �� النصوص طابعاً فلسفياً ورم التصوري: المزج بين الإنساني والطبيعي: ه الشعورية � الات � ر الطبيعة لتوضيح ح � اص � ن � ان وع �� س �� الإن � وراً تجمع ب �� ر ص � اع � ش � يستخدم ال والوجودية، مثل قوله: «كما لو أني أربي أشجاراً في نومي؛ كي أصحو على سقوط ثمارها». في هذه الصورة، يعبر الحرز عن تجربته النفسية عبر صورة الشجرة التي تثمر في الخفاء ثم تظهر نتائجها في العلن، مما يعكس عملية النضج والتأمل الداخلي. المزج بين الواقعي والخيالي: دى الصور بين الفعل الواقعي والخيالي لتقديم فكرة فلسفية، كما في �� يمزج الشاعر في إح تعبيره: «الكتابة تدمير للعالم». هنا، يجعل من الكتابة فعلاً تخيلياً يعادل التدمير، وهو ما يضيف بُعداً سريالياً ويرمز إلى رغبة الشاعر في إعادة تشكيل العالم من خلال الكلمات، مما يمنح النصوص بعداً أسطورياً. المزج بين الحسي والمجرد: تتجلى قدرة الشاعر على المزج بين الصور الحسية والمعاني المجردة في قوله: «الذكرى… قادرة أن تحدث شرخاً كبيراً في جدار روح محبيه وأهله». يستخدم الحرز هنا صورة حسية تتعلق ذي يمكن أن تتركه الذكرى، مما يخلق إحساساً ملموساً � م العميق ال � بالجدار للتعبير عن الأل للمشاعر المجردة. المزج بين الثقافي والكوني: يعتمد الحرز على عناصر ثقافية تشير إلى التاريخ والوجود، كما يظهر في وصفه «يباغتك ن النفس البشرية � المعرفة الثقافية ع � ا، يجمع ب � ن � وارك السحيقة». ه ��� ن أغ � ادراً ع �� ك ص � وت � ص والتأمل الوجودي، ليقدم صورة تنقل إحساساً بالاتصال بالذات والوعي العميق بالعالم. اق معاني � ط � وري لتوسيع ن � ص � ت � زج ال ��� ن الم �� واع م ���� ذه الأن �� ى ه � ل � رز ع �� ح �� راً.. يعتمد محمد ال �� ي �� أخ ارئ يتأمل في � ق � ار فلسفية وإنسانية عميقة تجعل ال � ك � ع أف � ور م � ص � القصائد، حيث تتفاعل ال أبعاد جديدة عن النفس والعالم من حوله. فيكتابه اللابسالمتلبّس الغذامي: المتنبيلابس للحكمة متلبّسبالنسق! @alma33e ) عليفايع (أبها في كتاب الدكتور عبدالله الغذامي (اللابس المتلبّس.. من أوراق أبي الطيب المتنبي) الصادر حديثاً في مئة وأربعة وثمانينصفحة من القطع المتوسط عن المركز الثقافي العربي لفتات مهمّة، ووقفات تفتح الأفق باتجاه المتنبي النسقي، وليس المبدع الذي اتفق عليه الناس. الغذامي وصف المتنبي بقوله: «هو اللابس للحكمة والمتلبّس بالنسق، عاش في عقل شجاع ولكن في وجدان خائف أو عقل حكيم ووجدان منفعل بالرهبة!». اعترف الغذامي ابتداءً بسيطرة المتنبي على ذاكرته، لذلك حضر في كتاباته بشكل أذهله، واحتلاله حيزاً من كتاباته لم يكن مخططاً له ولا متقصداً! المتنبي الذي قال عنه الغذامي أيضاً إنه «فيلسوف إذا تحرّر من ذاتيته، ونسقي إذا كان ذاتياً». انشغال بالنقد الثقافي دفعني انشغال الدكتور عبدالله الغذامي بالنقد الثقافي وانصرافه الكامل عن النقد الأدبي في شعر المتنبي إلى البحث عن الأسباب التي دفعته إلى هذا، وكان من أهمّ ما وجدت أنّ الانغماس في دراسة الأنساق الثقافية والانهماك في النقد الثقافي كان نتيجة شعوره بتراجع حالة التذوق التقليدية للشعر، وتراجعها كثيراً عنده، فلم يعد يستسلم لجماليات الشعر كما كان! ي كتابه هذا � ار إليها الدكتور الغذامي ف �� استوقفتني بعض اللفتات التي أش كحالة القلق الكتابي التي تأتي من متعة الكتابة، المتعة الحقيقية في الفكر (كما قال) هي أن تقرأ، بينما الشقاء أن تكتب، والأشقى من الشقاء أالّ تكتب، بمعنى أن تكون الفكرة في رأسك فلا تكتبها! الغذامي لفت في كتابه هذا إلى سيطرة المحفوظات الشعرية علينا، وغياب ملكة الحس النقدي للمادة المستهلكة، لهذا نظل نردد المتنبي وكأنه هو النموذج المعرفي والذوقي والفلسفي أيضاً! الغذامي رأى المتنبي نموذجاً ينتمي لثقافة كانت تمثل ذائقة ذلك العصر وعقليته، وليس لنا أن نزعم أنه يمثل عصرنا ولا أنه يقدم لأجيالنا أي نموذجية ثقافية ومعرفية، ولن يخلصنا من هذه الدوامة المغلقة إلاّ نقد خطاب المتنبي! لماذا المتنبي؟ يتساءل الغذامي: لماذا يعجبنا المتنبي؟! ويجيب: لأنه يعبّر عن نسقيتنا وتعالينا على الآخرين واستعدادنا الذهني للانقلاب عليهم متى ما غضبنا منهم، المتنبي يمثّل الشرّ الذي فينا، ونظل نحاول تغطيته، ونترك المتنبي يعبّر عنّا بدليل تمثلاتنا بأبياته وطربنا لها وتجنبنا نقدها! ذا، فالغذامي يرى أنّ المتنبي جمع القصيدة والحكاية، ولو جعلنا حكايات القصائد مع � ومع ه ي صيغ تكسر رتابة � د فسنقدم ذاكرتنا الثقافية للأجيال الحديثة ف �� ي خطاب واح � الشعر معاً ف رّب النماذج � ش � ذوّق الشعر وت � ت � ذي لم يعد فاتناً ولا مدهشاً ويسبب عوائق ل �� التعليم التقليدي ال العليا التي لم يعد الحفظ صالحاً فيها ولا لافتاً كما قال، لكنه يضيف أنّ للمتنبي حيلاً في أبياته تسير على كلّ الألسنة رغم ما فيها من أنساق تشبه الفيروسات في قدرتها على التجدد والتحوّر! السلفيّة اللغوية لا يكتفي الغذامي في كتابه هذا بالحديث عن المتنبي، بل يعرّج على اللغة، فيذكر جماعة (قل ولا تقل) الذين وصفهم بالوصاة على لغة الإبداع والفكر فلا نتكلّم إلاّ بعد إذنهم، وجماعة (الفصيح) ف تلفظاً ومعنى، فننطق كما نطقوا، ونلتزم بمعاني نطقهم فلا نجترح � وقصد بها لغة الأس المعاني التي لم يجترحوها! وخلص في هذا إلى أنّ هذه تربية ذهنية وسلوكية هدفها صناعة أجيال تقلّد أمواتها حذو القذة بالقذة! التباكي فطرة ثقافية في كتاب اللابس المتلبّس يخرج الغذامي عن المتنبي وأوراقه إلى النسق الثقافي بشكل عام، فيؤكد ه فطرة ثقافية سائدة، مستشهداً بالتباكي على شيوع ثقافة �ّ دى مقالاته على التباكي وأن � في إح التفاهة والتسطيح، وكأنّنا نفترض أنّ كلّ متعاطٍ مع الثقافة لا بدّ أن يكون مبدعاً ماهراً ومتفوقاً جاداً، وهذا افتراض لا معنى له كما يرى الغذامي، ولم يحدث قديماً ولن يحدث الآن، متسائلاً: كم عدد من نعرفهم من مواليد الكوفة ممّن قالوا شعراً في زمن ميلاد المتنبي، وفي المقابل من ظلّ منهم في ذاكرة الزمن؟! واستشهد الغذامي بيتيمة الدهر للثعالبي وكم شاعر في مجلداته الأربعة بقي؟! ولفت الغذامي إلى الذاكرة التي نخلت الجموع واصطفت منها ما يستحقّ الإبقاء حيّاً في الرواية أوّلاً ثم في التدوين، وأكد أنّ علّة زمننا هذا في سهولة النشر عبر الوسائل العامة وسهولة البقاء على سطح الاستقبال وفي محيط النظر، ولهذا توارت ظاهرة الفرد وحلّت محلها ظاهرة الجموع الفنيّة التي تغطّي فضاء ات الاستقبال بتنوّع وتعدّد بسرعة فائقة يمحو بعضها بعضاً! وأنّ هذا التباكي لاحتكار المشهد إذ يرى كل شخص أنّ حقه في البقاء والخلود اب تتعلّق � ب � د يفوز بعضهم بانتباه أكثر لأس � ن ق � ري � ن آخ � يتعرض لمزاحمة م م ويتراجع اسم � ادة لحظة مواتية فيشيع اس � بتأثير اللحظة التي تصادف ع آخر كان مشعاً! أما الجماهير التي كانت تتهم بأنها «عاوزه كذا» فللغذامي رأي مختلف في هذه اس أو لإحالة � ن � ا للتعالي على ال � ه النخب إم � ذا اتهاماً تتوسل ب � دّ ه � المسألة إذ ع ذوق وانحطاط �� ان وفساد ال � زم � ك بمقولة فساد ال � الخلل إليهم، واستشهد على ذل الثقافة، واكتفى بالرد عليها بقول الشاعر: وهم فسدوا وما فسد الزمان! ارة في كتابات الغذامي حديثه عن التدوين في العصر �� ي الموضوع الأكثر إث � وف ال فيه إنّ ثقافتنا العربية مدينة للمدونين العباسيين الذين �� ذي ق �� العباسي ال فتحوا صدورهم لاستقبال الرواة وحفّاظ الشعر ومروّجي الحكايات ليدونوا كلّ ما وصل إليهم بمهنيّة عالية وغير منحازة ولا تشرطيّة وبحريّة مطلقة وتسامح دود التساهل وعدم �� د يبلغ ح � ذا التسامح ق �� ى أنّ ه �� ار إل �� ه أش �� روط، إلاّ أن �� ش �� غير م التحرّي والتأكد من صحة المروي. وأكد الغذامي أن هذا تساهل محمود لأنهم يتعاملون مع قليل مما فات وطمرته الذاكرة، لذلك لم يكن هناك خيار في الحذف والاستبعاد فجاء المنحول لرواج سوق الرواية وما تدرّه من مال وجاه! التراث ملتبس يرى الغذامي أن مصطلح التراث ملتبس من حيث كونه يوحي بالقديم دون الجديد، ومن ثم جاء مصطلح الحداثة وكأنه يعني المواجهة مع القديم، غير أنّ النظر الواقعي يكشف أنّ كلّ قديم كان جديداً في زمنه وكل حداثي سيكون قديماً لدى الآتين من بعده، وسيشمل مصطلح التراث الجانبين معاً بما في ذلك كلامنا هذا الذي سيدخل في ذاكرة الثقافة بمجرد نشره، وذكر الغذامي أنّ الصراع بين الحداثة والتراث صراع في التأويل وفي التوظيف، وهذا يعني أننا نحن البشر نظل نستعيد الأمرات عبر قراء تنا لهم، وكل استعادة هي توظيف متجدد لما أنجز من قبل! لذلك نحن نعيد إحياء المتنبي كلما ذكرنا اسمه وقرأنا نصوصه وسيتبع ذلك أننا سنقوم بتفسير نصه حسب مهاراتنا؛ أي أنّ النص للمتنبي نسبة وانتساباً ولكنه لنا توظيفاً وتأويلاً وتفعيلاً. وأشار إلى أنّ المتنبي كان تفاعلياً بدرجة عالية قبل عصر التفاعلية الذي نعيشه الآن، ولو كان حياً بيننا اليوم لوجدناه من أبرز المغردين حضوراً وتفاعلاً، فقد كان يغرد قبل ثقافة التغريد ليس في شعره فحسب، بل في نظام تفكيره أيضاً وفي صيغه التعبيرية التي تجمع بين الحكمة والشعرية مع الاقتصاد اللغوي وحرارة المعنى! المتنبي خارج النسق القصيدة الوحيدة للمتنبي التي اعترف الغذامي بجمالها دون لكن، ودون أن يدخلها في قائمة النسق والنقد الثقافي هي قصيدة (الحمّى) ومع أننا نحب المتنبي، ونتمثل أشعاره دون أن نسأل لماذا نحبّه، إلاّ أنّ الغذامي يفسّر هذا الحبّ بأننا مدفوعون بالمخبوء فينا حتى لكأن المتنبي يقول ما كنا نريد قوله، ويؤكد أننا إذا تعرفنا على ما يعجبنا في المتنبي فإننا نتعرف على الجبن الثقافي الذي نتوارثه كما ورثه المتنبي وورّثه لنا! لذلك ظللنا أسرى لحكمة المتنبي التي نرتضيها ونطلبها ونرددها في استشهاداتنا ومحفوظاتنا، ونغضّ الطرف عن نسقيته وكأنّ المتنبي (كما قال الغذامي) يجمع بين عقل نرتضيه عبر الحكمة ووجدان نعيشه عبر العجب بالذات تلك التي ينوب عنا المتنبي في الحديث عنها في حين نستحيي نحن من الجهر بها، لذلك شغلنا وأشغلنا وشغّلنا، ولا يظن الغذامي أنّ أحداً فعل ما فعل المتنبي هذا في ذاكرتنا العربيّة! الكتاب إجمالاً لا ينفي براعة المتنبي في كتابة القصيدة، ويعترف مؤلفه بأنّه واحد ممن استولى ن نسقيّة �� اً م �� ارم �� اً ص � ف � وق � ف م � ق � ه ي �� ه، إلاّ أن �� ل ب �ّ ث � م � ت � ره، وي �� ع �� ن ش �� ا يحفظ م � م � ه ب �� رت �� ى ذاك � ل � المتنبي ع المتنبي. هذا الكتاب خير شاهد على نقد الغذامي لنسقيّة أبي الطيب المتنبي مع تسليمه التامّ بسلطته! الخرائط الذهنية إبراهيم البليهي ه وعن � س � ف � ن ن ��� ه ع ��� ورات ��� ص ��� ص وت �� خ �� ار أي ش ��� ك ��� إن أف العالم، تتضمنها خريطة ذهنية كَوّنها له دماغه، د أن أي فكر � ق � ت � ع � ة وي � ط � ري � خ � ذه ال �� ه �� وم ب � ك � ح � و م � ه � ف يخالف خريطته الذهنية هو فكرٌ ضال. إن خريطته الذهنية عن الأفكار والتصورات مماثلة ود أي �� ق �� ي � ح �� ن؛ ف ��� اك ��� ن الأم ��� ة ع �� ي �� ن �� ذه �� ه ال � ت � ط � ري � خ � ل شخص سيارته في مكان يعرفه فإنه يتحرك بشكل ي يحتويها �� ت �� ة ال � ي � ن � ذه � ة ال � ط � ري � خ � ب ال � س � ي ح � ائ � ق � ل � ت دماغه. ولكن ما إن تختلط عليه الطرق حتى يفقد التوجيه، وهذا الموضوع كان ولا يزال محل بحوث ودراسات ل أحد � ي � ه � ور ك � س � ي � روف � ب � ان ال �� د ك �� متخصصة، وق المهتمين في دراسة ظواهر الخرائط الذهنية المكانية، حيث يبقى الشخص غير قادر على معرفة الاتجاه الصحيح؛ لأن خريطته الذهنية تكون مقلوبة فكلما ح. يقول � ي � ح � ص � اه ال �� ج �� ن الات �� اداً ع � ع � ت � رك ازداد اب � ح � ت البروفيسور كين هيل: دد موقعه ولا � ح � ه أن ي � ائ � ت � «لا يستطيع الشخص ال اتجاهه ولا يمتلك الوسائل لإعادة توجيه نفسه». وث: «ظل ����� ون إدوارد ه ���� اء ج �� زي �� ي �� ف �� م ال �� ال �� ول ع ��� ق ��� وي الباحثون يدرسون لعقود جامعين ببطء العناصر التي تشكل آلية رسم الخرائط عقليًّا». ا يخلقان ��� ي � ل � خ ��� ن ال ��� ان م ��� وع ��� د ن ��� وج ��� ف: «ي ��� ي ��� ض ��� وي الخارطة العقلية؛ خلايا المكان وخلايا الشبكة». ن الظواهر ذات الدلالة العميقة أن التائه يكابر � وم فإذا لم يكن يعرف أنه تائه فإنه يرفض أي تصحيح أو توجيه يأتيه من خارجه ويظل متشبثا بموقفه وعن ذلك يقول العالم هوث: «يحاولون عقلياً أن يقحموا خصائص يشاهدونها كي تنطبق حتى لو كانت العلاقة بينهما ضئيلة». إن التائه الذي لم يقتنع بأنه تائه يصر على أنه في الاتجاه الصحيح ويكابر ويلوي الخريطة التي معه لكي تتفق مع خريطته الذهنية. إن هذه حقائق شديدة الأهمية حيث يتبين منها أن كل فرد يُكَوّن له دماغه خريطة ذهنية هي التي تحدد علاقاته بالناس وبالمكان وبالأفكار وبالتصورات، إنها وسيلته لرؤية العالم وهذا يستوجب أن يتربى الناس ويعلّموا هذه الحقائق لكي يواصلوا تحديث خرائطهم الذهنية باستمرار. الجمعة السبت هـ 1446 جمادىالأولى 14-13 السنة السابعة والستون 21016 العدد م 2024 نوفمبر 16-15
RkJQdWJsaXNoZXIy MTExODU1NA==